فوائد كورونا التي ستغير العالم نحو الأفضل

إعداد
أ.م.د. غسان فارس عطيه
أ.م.د. رنا ابراهيم خليل

للأزمات مهما كانت مأساوية جوانب إيجابية لا تحصى
فهي توقظ البشر من غفلاتهم ، وتولد ما كان البشر لينتقلوا إليها لو استمروا بممارسة حياتهم بالروتين المعتاد . واليوم في وسط الحديث المرعب والغامض عن مصير العالم وأعماله في ظل انتشار وباء كورونا المستجد ، لا يخلو اي حديث بين اثنين عن التغيرات التي سيشهدها العالم في مرحلة ما بعد كورونا
مامن شك بأن كورونا مثله مثل أي أزمة أو حرب سيهز العالم،وسيخرج ابتكارات ويغير عقليات ما كانت ستنتقل من مرحلة إلى أخرى لولا ضرورة الأزمة. وعلى سبيل المثال، القطاع الخاص ما كانت ستخرج من عنق الزجاجة تجاه تبني معطيات التكنولوجيا للعمل عن بعد ، والتعليم عن بعد، وتقديم خدماتها للناس عن بعد، ومعالجة القضايا في المحاكم عن بعد لولا كورونا .
وكانت ربما ستبقى عشرة أعوام أخرى في حالة استعصاء وإنكار لتبني هذه التقنيات التي قال المنطق أنها باتت أمرا واقعا منذ عشرة أعوام خلت
ها هي كورونا تضرب البيروقراطية في مقتل، فالقرارات التي كانت تحتاج لأشهر لكي تتخذ صارت تتم بطرفة عين، وتخلت الكثير من الحكومات عن إجراءات وروتين بيروقراطي لتساعد العالم للمضي للأمام بالسرعة اللازمة . وها هي الحكومة الأمريكية على سبيل المثال
تعلن أنها ستتخلى ولأول مرة عن الروتين في إجراءات قبول الأدوية، حينما دعا ترامب شركات الأدوية لتصنيع اللقاح واعدا بأن ادارة الدواء والغذاء FDA سترد على طلباتهم فورا . هل تعلمون ماذا يعني هذا ؟
لقد كان تصنيع الدواء يحتاج لعشرة أعوام من الروتين والإجراءات، يضيع قسم كبير منها في الإجراءات البيروقراطية الحكومية، أما اليوم فقد باتت الحكومية الأمريكية جاهزة لاختصار الزمن وتخطي الروتين.
لا شك أن الأضرار الجانبية التي ستنتج عن تطبيق التكنولوجيا الحديثة في العمل والتواصل ستؤدي إلى صدمات غير معتادة ومنها أزمة إدارة الفريق عن بعد على سبيل المثال
كيفية معالجة الآثار النفسية لحالة الوحدة التي يشعر بها العامل عن بعد وكيف سيجهز منزله ليكون بيئة عمل مناسبة وغيرها من التحديات، لكن الجواب أنها تحديات طبيعية وهي ستحصل عاجلا أم آجلا لكنها قابلة للحل
ولذا فقد ظهرت الكتب والمقالات ومنها مقالات هارفارد بزنس ريفيو في العمل عن بعد والتعليم عن بعد والتي تقدم طرفا علمية قائمة على مناهج مجربة لتجاوز كافة التحديات
وربما لن تتوقف الأضرار الجانبية جراء الانتقال في نموذج عمل الحكومات والشركات على هذه التحديات ، إذ أن طرق العمل الجديدة المرنة عبر الإنترنيت قد تؤدي إلى خسارة الكثيرين لأعمالهم
لصالح الأتمتة إلا أن هذا التحول سينتج عنه نماذج عمل جديدة تتيح من الفرص أكثر مما تسبب بخسائر أو آثار جانبية وفوق هذا وذاك فإن هذا التحول سيكون في صالح الناس عموما حيث سيوفر عليهم المصاريف والاعباء التي كانوا يتكبدونها دون داع
فمن غير المنطق ونحن في هذا العصر
أن وزارات التعليم في كثير من الدول ما زالت ترفض الإعتراف بالشهادة التي ينالها الطالب للتواصل مع الجامعة عبر الإنترنت حتى ولو كانت تلك الجامعة مرموقة ولا مانع لديها من الدراسة اون لاين ، ومازالت وزارات التعليم تفرض على الطلاب السفر والإقامة في البلدان التي تمنح الشهادة بينما كانت ولازالت الكثير من الجامعات المتطورة تعتبر الحضور الشخصي أمر غير ضروري.

مع دوام الصحة والسلامة للجميع

Similar Posts

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *